أنت الآن في مرحلة المراهقة، وهي مرحلة حرجة مليئة بالضغوط والتوتر، ومن الطبيعي جدا أن تنتابك مشاعر الحزن والكآبة من وقت لآخر. لكن في بعض الأحيان قد تزداد حدة هذه المشاعر وتستمر معك لفترة طويلة. وفي حال وصلت الأمور إلى هذا الحد وبدأت تفقد السيطرة فاعلم أنك تعاني من الاكتئاب. لكن لا تنزعج فالإصابة بالاكتئاب أمر شائع جدا ،خاصة في أوساط المراهقين. والاكتئاب ليس أكثر من مجرد حالة نفسية عادية يمكن التغلب عليها بسهولة ويسر، بإذن الله.
حاول أن تنظر للجانب المشرق فكل من حولك يحبوك ويدعموك، فقط عبر عن مشاعرك ودعهم يعلموا بما تعانيه وستجد منهم حسن الاستماع والاهتمام. يعتقد البعض أن التحدث عن المشاعر السلبية والتعبير عنها قد يجعل الأمور أسوأ، لكن ذلك غير صحيح على الإطلاق فعندما نشارك مشاعرنا وهمونا مع شخص نثق فيه ـ ويفضل أن يكون متخصص ـ فإننا سوف نشعر بالارتياح.
نستعرض في المقالة التالية بعض التقنيات الهامة التي تساعدك ،كمراهق، في التغلب على الاكتئاب، وبالتأكيد يمكنك استخدامها لمساعدة أي من زملائك أو أصدقائك في حال تعرض لحالة كهذه.
أعراض الاكتئاب عند المراهقين
ليس من السهل أن نجمع كافة أعراض الاكتئاب في قائمة واحدة، إذ تختلف من شخص لآخر، لكن هناك بعض الأعراض الشائعة التي يعاني منها المراهقين، أهمها:
إحساس دائم بالتوتر، أو الحزن أو الغضب.
فقدان الرغبة أو الاستمتاع بالأشياء التي عادة تجلب المتعة.
الشعور بالذنب والتقليل من قيمة الذات وتصيد أخطاء الذات.
اضطرابات النوم ـ النوم لفترات أطول/ أقل من المعتاد.
صداع أو مشكلات جسدية متكررة لا يمكن تفسيرها.
العصبية الزائدة وسهولة الاستثارة والميل للبكاء.
فقدان القدرة على التركيز والقدرة على التفكير، وتراجع مستوى تحصيلك الدراسي.
شعور باليأس وإحساس بأن الأمور لن تتحسن.
فقدان/ زيادة في الوزن.
الإحساس بعدم جدوى الحياة والتفكير بالانتحار أو الموت ( وفي مثل هذه الحالة لا تتردد في طلب المساعدة)
هل تفكر في الانتحار ؟؟؟
هل وصلت لمرحلة تعقدت فيها الأمور لدرجة أن الانتحار أو إيذاء الذات/ الآخرين أصبح الحل الوحيد أمامك؟ إذا كانت إجابتك نعم، فأنت في حاجة للمساعدة العاجلة، لذا لا تتردد في التحدث مع أي شخص يمكنه مساعدتك، ويمكنك الاتصال بالأخصائي النفسي بالمدرسة أو أي من أساتذتك.
وفي الوقت نفسه، قد تفيدك الاقتراحات التالية في التقليل من حدة هذه المشاعر السلبية حتى تتمكن من استشارة الشخص المناسب:
الانتحار ليس حلا للمشكلة، بالتأكيد هناك حلولا وخيارات أخرى لا يمكنك رؤيتها. ضع في اعتبارك أن هذه المشاعر والأحاسيس المؤلمة مؤقتة وسوف تزول، بإذن الله، لذا لا تحاول أن تحل مشكلة بسيطة بكارثة.
لا تلوم نفسك على هذه الأفكار، فرغبتك في إيذاء ذاتك أو الآخرين لا تعني أبدا أنك شخص سئ. لذا، لا تشعر بأي حرج من التحدث عما يجول بخاطرك من أفكار حتى يتمكن من حولك من تقديم المساعدة.
أعد التفكير في الأمر وانظر إليه من زاوية مختلفة. حاول أن تتحدث مع صديق، لكن ابتعد عن الأصدقاء المكتئبين، فليس هناك ما تفقده، فقط امنح نفسك فرصة كافية للتفكير بذهن صافي ونفسية هادئة قبل اتخاذ القرار.
إذا وجدت صعوبة في السيطرة على نفسك وتصرفاتك، فتجنب أن تكون بمفردك. فحتى إذا وجدت صعوبة في التعبير عن مشاعرك، حاول أن تشغل نفسك بأي شئ كالخروج مع أحد الأصدقاء، الجلوس مع الأسرة أو حتى التنزه في الأماكن العامة وسط التجمعات، المهم أن تظل بعيدا عن أي مصدر للخطر.
ماذا أفعل حتى أتغلب على الاكتئاب؟؟
بالتأكيد يمكنك السيطرة على الاكتئاب وتوجيه مشاعرك بشكل ايجابي حتى تشعر بالتحسن. ومن أهم النصائح التي يُوصى بها من هم في مثل حالتك:
لا تتردد في طلب المساعدة إذا شعرت بالضغط النفسي
الضغط النفسي مشكلة خطيرة لا يمكن تجاهلها، فهي قد تؤدي إلى زيادة حدة الاكتئاب. إذا كنت تشعر أن واجباتك عبء كبير عليك أو إذا كنت تعاني من أية مشكلة أسرية، تحدث مع أستاذك أو الأخصائي النفسي بالمدرسة.
وبالتأكيد، يمكنك مصارحة والديك بما تتعرض له من ضغوط، فبإمكانهم التخفيف عنك أو ترتيب موعد مع طبيب نفسي لمساعدتك.
لا تنعزل عن العالم الخارجي
من أهم أعراض الاكتئاب فقدان الرغبة في رؤية أي شخص أو القيام بأي نشاط، بل قد يصبح مجرد القيام من السرير في الصباح أمرا صعبا، وهذا ما يجعل الأمور أكثر سوءا. لا تسمح لنفسك بالانسياق وراء هذا الشعور، واخرج للعالم فربما وجدت في لقاء صديق حميم أو القيام بنشاط محبب وسيلة للترويح والتخفيف من حدة الاكتئاب.
حاول أن تقضي وقتك مع الأصدقاء المخلصين القادرين على دعمك ورفع معنوياتك، وابتعد عن رفقاء السوء. وعليك كذلك أن تقلل من ساعات جلوسك أمام الكمبيوتر وتصفح الانترنت.
تذكر: أنت لست وحدك
يعاني كثير من المراهقين من الاكتئاب، لذا لا تبتئس فأنت لست وحدك. قد يكون لديك شعور قوي بأنك لن تتحسن، لكن ذلك غير صحيح إذ انه ليس من الصعب علاج الاكتئاب، وهناك العديد من الأدوية والعقاقير التي قد تساعدك على اجتياز هذه المرحلة الصعبة، لكن عليك أولا بمراجعة الطبيب النفسي ليصف لك العلاج المناسب لحالتك.
حافظ على سلامة جسدك
ابدأ بتنظيم عاداتك الغذائية وممارسة بعض الرياضات الخفيفة( كركوب الدراجة، أو المشي)، وستُفاجأ بالنتائج ففي خلال فترة قصيرة سوف تتحسن حالتك المزاجية بشكل ملحوظ.
أما بالنسبة للطعام، فكما يقول المثل "أنت ما تأكل"، فالغذاء غير المناسب قد يصيبك بالخمول والكسل، وهذا آخر ما تحتاج إليه إذا كنت ترغب في أن تتخلص من الاكتئاب. إن جسمك في حاجة إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية، خاصة الحديد وفيتامين ب. كذلك، حاول أن تُغذي عقلك بالحبوب والخضراوات والفواكه، ويمكنك استشارة والديك أو طبيبك أو حتى ممرضة المدرسة جول مكونات الغذاء الصحي.
صارح والديك بمشاعرك
لا تنغلق على نفسك، وعبر عن مشاعرك وتحدث مع والدك أو ووالدتك فربما أمكنهما تقديم المساعدة. وفي حال تعذر عليك ذلك، لأي سبب من الأسباب، الجأ إلى أي شخص آخر تثق فيه ( قريبك، معلمك، الأخصائي النفسي بمدرستك، مدربك). لا تتردد في طلب المساعدة من مجتمع البالغين خاصة إذا راودتك أفكار عن الموت أو الانتحار أو إيذاء الآخرين. واعلم جيدا أن طلبك المساعدة لا يعني أبدا أنك ضعيف، فهذه هي الخطوة الأولى في طريق الشفاء.
صديقي مصاب بالاكتئاب
بالتأكيد قد يمر أي من أصدقائك المقربين بأوقات عصيبة يحتاج إلى دعمك فيها، فعادة ما يثق المراهقون في أصدقائهم ويلجئوا إليهم في وقت الشدة. لذا حاول أن تكون على قدر هذه المسئولية، وبادر بمساعدته. لكن كيف تجزم بأن ما يعاني منه صديقك اكتئاب وليس مجرد حالة عابرة أو تقلب في المزاج؟ راقبه جيدا، وحاول أن تبحث عن أي من العلامات التالية:
فقد الرغبة في القيام بالأنشطة التي طالما استمتع بها قبل ذلك.
اتجه لرفقاء السوء أو بدأ يتعاطى بعض المخدرات.
بدأ يتغيب عن المدرسة وأهمل دروسه وواجباته.
بدأ يتحدث عن كونه قبيح أو سئ أو فاشل أو غبي.
بدأ يتحدث عن الموت أو الانتحار.
كيف أساعد صديقي؟؟؟
ضع في اعتبارك أن مساعدة صديق مصاب بالاكتئاب ليست بالمهمة السهلة، لكن الأمر يستحق العناء. هناك العديد من التقنيات التي ننصحك بإتباعها لمساعدة صديقك، وأهمها:
لا تتطلب منه أن يتوقف عن القلق ويتغلب على الأمر، فالاكتئاب مرض يحتاج إلى العلاج. فكر جيدا فيما تقول حتى لا تؤذي مشاعره وتتسبب له في متاعب إضافية.
شجعه على الحديث. حاول أن تمنحه الفرصة ليعبر عن مشاعره، ويمكنك أن تبدأ بعبارة مثل، " تبدو مختلفا اليوم، هل هناك خطب ما؟ إذا رغبت في التحدث أرجوك لا تتردد، فأنا دائما هنا لمساعدتك."
كن مستمعا جيدا. لا تقاطعه أو تقلل من مشاعره، فقط استمع اليه وابدي اهتمامك بما يقول فهذا سوف يساعده على الشعور بالارتياح.
اعلم جيدا أن صديقك لا ينتظر منك أن تحل مشكلاته. فربما كان في حاجة لمن يستمع إليه ويهتم به ويدعمه نفسيا. وهكذا، من خلال الاهتمام به والاستماع لشكواه دون إصدار أية أحكام أو تعميمات، فأنت تساهم بشكل كبير في التخفيف عنه.
شجع صديقك على الخروج من عزلته وممارسة بعض الأمور المحببة سويا. ويمكنك أيضا أن تأخذه في نزهة في الجوار.
لا تضغط عليه، فإذا رفض دعوتك على الغداء، لا تُلح عليه فقد يكون لذلك أثر عكسي. والتصرف الأمثل في مثل هذه الحالة هو أن تؤجل المسألة لبعض الوقت.
شجع صديقك على طلب المساعدة. حاول أن تقنعه أن يتحدث مع والديه أو أحد معلميه. ويمكنك أن تصطحبه إلى أي من البالغين، حيث يشعره ذلك بالاطمئنان والارتياح.
شجعه على زيارة الطبيب ويمكنك مصاحبته في مثل هذه الزيارات. وعليك كذلك أن تشجعه على الانتظام على العلاج الذي وصفه له الطبيب وعلى تناول الغذاء الصحي المتوازن والنوم لساعات كافية. احرص على إبعاد صديقك عن أية مواد مخدرة أو مؤذية.
لا تتخلى عن صديقك مهما حدث. في بعض الأحيان، قد يصدر عن صديقك بعض الكلمات أو الأفعال التي تجرحك أو تؤذي مشاعرك. لا تجعل مثل هذه الأمور تؤثر على علاقتك به واستمر في دعمه ومساعدته فبمجرد تغلبه على هذه الظروف الصعبة سوف يعود إلى طبيعته التي اعتدت عليها.
تحدث مع أحد البالغين إذا بدأ صديقك يتحدث عن الانتحار أو يوزع ممتلكاته. فحتى إذا طلب منك صديقك أن تعده بعدم الكشف عما يعتزم فعله، لا يمكنك أبدا أن تدعه يمضي في هذا الطريق. اطلب المساعدة على الفور، فأيهما أفضل: أن يغضب منك صديقك ويقاطعك لبعض الوقت أم أن تخسره للأبد؟؟؟